Admin الأربعاء يناير 11, 2012 3:48 pm
من التحرير إلى التغيير"...وفيها هنجاوب على السؤال إللي جالنا من ناس كتير : هي إيه الثورة المضادة إللي بنسمع عنها دي؟
وفي البداية وقبل أن نخوض في الحديث عن عناصر الثورة
المضادة ومظاهرها، وأبرز المؤثرين فيها، وكيف بدأت ومتى تنتهي، يجب علينا
بداية أن نُقدّم للقارئ الكريم تعريفا مبسطا عن معنى الثورة المضادة.
انتفاضة سلبية ضد الثورة المصرية
كلمة ثورة مضادة تعبّر بالأساس عن انتفاضة سلبية قامت لتجهض انتفاضة
إيجابية قام بها الشعب، وهذه الثورة المضادة يقوم بها عادة النظام الحاكم
الذي أسقطته الثورة الأصلية، وذلك بالتعاون مع أتباعه وفلوله من رموز هذا
النظام المخلوع؛ بهدف القضاء على الثورة الأصلية وإعادة الأمور إلى سابق
عهدها.
تاريخ الميلاد الحقيقي للثورة المضادة
المرة الأولى التي استخدم فيها مصطلح الثورة المضادة كان في أعقاب ثورة
25 يناير، عندما اقتحم المئات من البلطجية والخيالة والعربجية ميدان
التحرير في الثاني من فبراير 2011 ودخلوا في معركة إبادة وتفريق مع متظاهري
التحرير، بشتى الوسائل من خلال سحقهم بالخيول وبالجمال وضربهم بالشوم
والسكاكين والطوب وأخيرا إلقاء قنابل المولوتوف عليهم من فوق أسطح
العمارات، وإمطارهم بوابل من الرصاص الآلي.
لكن في حقيقة الأمر لم يكن هذا اليوم هو البداية الفعلية لفكرة الثورة
المضادة، الثورة المضادة بدأت بالأساس يوم الجمعة 28 يناير، عندما استشعرت
الأجهزة النظامية في الدولة أنها فقدت النظام والسيطرة على جموع الشعب
والمؤسسات بصفة عامة، فبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من مخطط الثورة المضادة،
والمتمثل في إطلاق عدد من المسجلين خطرا من أقسام الشرطة؛ بهدف إحداث حالة
من الذعر والترويع بين المواطنين؛ لتحقيق هدفين:
1- الهدف الأول هو أن يشعر الثوار بالرعب على أسرهم من البلطجية
الذين أُطلقوا لتوّهم من المساجين، خاصة مع سيل البلاغات التي وصلت لوسائل
الإعلام بشأن الانفلات الأمني، وبالتالي -أو هكذا كانوا يتمنّون- يسود
الشارع حالة من الهدوء، ويتم استعادة السيطرة من قِبَل النظام على النظام.
2- الهدف الثاني هو أن يشعر قطاع كبير من الجماهير بالسخط على الثورة
التي تسبّبت في هذا الانفلات الأمني -المفتعل بالأساس- وبالتالي تخسر
الثورة حالة التعاطف الشعبي الذي كانت قد اكتسبته منذ اللحظات الأولى ليوم
25 يناير.
نجحت الثورة.. يلّا نبني مصر حرةلكن الثوار لسبب غير مفهوم بقوا في الشارع مصرّين على استكمال ثورتهم
حتى النهاية، وهو ما انتقل بالثورة المضادة إلى المرحلة الثانية، والتي
تعتمد بالأساس على وسائل الإعلام الرسمية وبعض وسائل الإعلام الخاصة؛ من
خلال التأكيد والترسيخ على فكرة نجاح الثورة، وأن الدليل على ذلك هو قرار
الرئيس مبارك بإقالة الحكومة، ثم مجموعة القرارات التي جاءت في الخطاب
العاطفي الثاني بشأن التعديلات الدستورية وتحديد مدة الرئاسة وعدم الترشّح
مرة أخرى، وأن التركيز يجب أن ينصبّ في الوقت الحالي على بناء مصر، ولكن
الثوار رغم كل شيء استمروا في الشارع متخذين قرارا لا رجعة فيه.شباب التحرير والكنتاكي والجرجيرتطوّرت الثورة المضادة للمرحلة الثالثة، والتي اعتمدت فيها أيضا على
وسائل الإعلام، ولكن كان الهدف في هذه المرة هو محاولة حصر الثورة الأصلية
في مجموعة الشباب المعتصم في ميدان التحرير، فعمدت وسائل الإعلام إلى نقل
حكايات وروايات غير حقيقية عبر متصلين وهميين تتحدث عن رشاوى من أجانب
للمعتصمين، وعن وجبات كنتاكي يتم تفريقها عليهم، وعن أجانب متواجدين بكثرة
بين المعتصمين.وصلت وسائل الإعلام في بعض أيام الثورة إلى حد التأكيد على أن ميدان
التحرير خالٍ ولا يوجد به سوى مجموعة لا تتجاوز بضع مئات! وكانت القناة
الأولى تنقل دائما صورة الكورنيش الهادئ الخالي من المارة؛ باعتباره صورة
لمنطقة التحرير بصفة عامة، رغم أن هدوء الكورنيش يعود بالأساس إلى سيطرة
الجيش على هذه المنطقة وحظر التجول فيها للمارة أو للسيارات.إنقاذ مصر بفضل عربجية القصر!مع فشل المرحلة الثالثة للثورة المضادة دخلت مرحلتها الرابعة والتي كشفت
فيها عن نفسها بصورة فجّة، فقد استغل فلول النظام السابق حالة التعاطف
التي اكتسبها الرئيس السابق بعد خطابه الثاني، وقاموا بتنظيم حملات ضخمة
مؤيدة للرئيس مبارك في مختلف شوارع القاهرة -ولكنها انحصرت في ميدان مصطفى
محمود فقط- على أن يتزامن ذلك مع خروج مجموعات كبيرة من البلطجية من مختلف
مناطق القاهرة، تتجه صوب ميدان التحرير؛ لإخلائه بالقوة مرة واحدة وإلى
الأبد، وبالتالي يعتقد الجميع أن هذه هي إرادة الشعب، ولكن ما حدث أنه وقعت
معركة بين الطرفين صمد فيها الثوار داخل الميدان، ومات منهم من مات،
ولكنهم لم يهرعوا هربا منه كما كان متوقعا، بل تمسّكوا به ودافعوا عنه
وتراجعت أسهم النظام بصورة بالغة، وخسر الرئيس التعاطف الذي كان قد كسبه
قبلها بيوم، وكشفت الثورة المضادة عن وجهها القبيح.إنها مليونية.. من أجل مظاهرات فئوية
لم تتوقف الثورة المضادة بتنحي الرئيس مبارك، بل ربما أخذت تتحرك بشكل
أكثر شراسة ووقاحة؛ لأن دفاعها لم يكن عن الرئيس السابق بقدر ما كان دفاعا
عن المصالح التي كانت تتحقق في وجود هذا الرئيس ونظامه، وبالتالي انتقلت
للمرحلة الخامسة عندما فجّرت الثورة المضادة بالتعاون مع جهات أمنية سيادية
العشرات وربما المئات من المظاهرات الفئوية في مختلف المصانع والشركات،
ولكن هنا علينا أن ننوّه إلى أننا لا نعني بذلك أن كل المشاركين بهذه
المظاهرات الفئوية هم عملاء للنظام السابق، ولكنهم أغرتهم فكرة تحسين
أحوالهم المادية بشكل أو بآخر، وكان الهدف من هذه المظاهرات الفئوية هو ضرب
الاقتصاد في صميم قوته، وبالتالي تعجيز الدولة الثورية الجديدة وزيادة
السخط العام عليها، ومن ثم خلق حالة من التمرد على الوضع الجديد، مما قد
يساهم في عودة النظام القديم ولو بشكل جديد، ولكن أساطير الفساد التي كشفت
عنها تحقيقات القضاء والنيابة العامة فيما يتعلق برموز السلطة السابقين
أغلقت الباب في وجه أمام أي أمل في ظهور هذا النظام القديم من جديد، أو
حتى مجرد التعاطف معه.الحريق الكبيرانتقلت الثورة المضادة إلى مرحلتها السادسة بعد أن فشلت في تحسين صورة
النظام القديم، فلجأت إلى تشويه صورة النظام الجديد ورموزه؛ من خلال توجّه
عدد كبير من ضباط أمن الدولة إلى مختلف مقار الجهاز؛ لحرق الوثائق التي
تدين أسماء بعينها، وتعمّد عدم إحراق وثائق تخصّ أسماء أخرى تتمتع بثقة
شعبية، وكان يتولى الجهاز مراقبة اتصالاتها وإعداد تقارير بشأنها؛ وذلك من
أجل أن تسود حالة من التخوين وغياب الثقة بين الشعب وبين رموز الثورة
الوليدة فتموت في مهدها، ولكن ما لم يتوقعه وما لم يخطط له قيادات أمن
الدولة أن يتم اكتشاف أجهزة التعذيب والمقابر أسفل المباني، وغيرها من
أساطير التعذيب التي روّعت المواطنين بصورة لا يمكن تصوّرها أنست الناس أي
شيء وكل شيء كانوا يخططون له.حريق الوحدة الوطنية تحت بند الحرية!
بدا رموز النظام في حالة فشل تام في إفساد هذه الثورة، وبالتالي لجأوا
للمرحلة السابعة -ونتمنى أن تكون الأخيرة- وهو الكارت الذي طالما اعتمد
عليه النظام السابق في التحكم في الشارع المصري وامتصاص غضبه بعيدا عنه،
وأعني هنا كارت الفتنة الطائفية الذي فجّروه مؤخرا في منطقة إمبابة أمام
كنيسة مارمينا وكنيسة العذراء، بهدف إشعال فتيل الحرب الأهلية الذي بها فقط
يمكن إسقاط أي نظام مهما كانت قوته، وهو بالضبط ما تسعى له هذه الفئة من
رموز النظام السابق.السؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الحالي هو: هل انتهت الثورة المضادة؟
الإجابة "لا" بكل تأكيد، ولن تنتهي حتى في المستقبل القريب، بل ستستمر
لفترة ليست بقليلة؛ لأن المنتفعين من النظام السابق، كانوا بأعداد ضخمة،
فضلا عن أن التربة الحالية تربة خصبة لزرع الفتن ونصب المؤامرات، ولكننا
يمكن أن نستبشر طلائع انتهاء هذه الفتنة الطائفية مع حلول مجلس شعب ورئيس
منتخبين من قبل الشعب؛ لأن هذا سيكون نذيرا بنهاية المرحلة الانتقالية التي
يستغلها عادة رواد الثورة المضادة.لكن وقبل الختام وجب علينا التنويه إلى أن عناصر الثورة الأصلية يمكن أن
يكونوا هم بأنفسهم عناصر في الثورة المضادة دون أن يعلموا، فيساعدون
ويشعلون ويهيجون دون أن يفهموا، ولكن المهم أن تتحقق مصالحهم الصغيرة بصرف
النظر عن مصالحهم الكبرى، ألا تعتبر مظاهراتنا الفئوية خدمة لنظام تمنى
-قبل نحره- الفوضى وغياب الاستقرار؟مع الأسف الشديد بعض من المواطنين يصبحون تربة خصبة لزرع الفتن ونصب
المؤامرات كما أسلفنا؛ من خلال توجيههم بشكل فكري خاطئ واللعب على المشاعر
الدينية بصورة مستفزة، فهو ذلك الفخ الذي وقعنا فيه في أحداث إمبابة،
وانقدْنا وراء مجموعة من عملاء النظام وأصحاب المصالح واللحى في الوقت
نفسه، واستجبنا لاستفزازات مجموعة مماثلة من مدّعي حب المسيح وأم النور،
ولو أريقت في سبيل ذلك من الدماء بحور، واندمجنا في حرب أهلية مصغرة سميت
خطأ بالجهاد في سبيل الله، بينما هو في حقيقته جهاد في سبيل النظام السابق،
هكذا وبكل بساطة تحوّلنا دون علم منّا إلى عناصر ناشطة في الثورة المضادة
التي نلعنها يوميا بينما نحن جزء منها، وبالتالي يجب علينا ألا نفترض في
النظام السابق غباء أو في أنفسنا ذكاء، بل يجب أن نبقي حذرين طوال الوقت،
ونراجع من وقت لآخر مواقفنا.حبينا نقولك علشان تعرف، ومحدش يشتغلك ويقولك هو إللي بيفهم وانت لأ، واوعى تنسى:
علشان نبني بكرة.. لازم ناخد فكرة
لسماع الحلقة الأولى من حملتنا من التحرير إلى التغيير..اضغط على العنوان التالي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]