كان له العديد من الآراء اللاذعة فى الحكومة قبل الثورة على الرغم من ارتباطه بالعديد من المشروعات معها باعتباره أحد أهم رجال الأعمال، لكنه لم يظهر كثيرا بعدها، إنه رجل الأعمال الشهير «حسين صبور» الذى له صولات وجولات مع رجال مبارك ورموز نظامه.. «اليوم السابع» أجرت حوارا معه حول كل القضايا المطروحة، وحول أهم الشخصيات التى اقترب منها، خاصة وزراء حكومة نظيف والرئيس السابق، مفجرا الكثير من المفاجآت..
قبل الثورة كنت تهاجم الحكومة فهل أصبحت أكثر جرأة الآن؟
- أنا لم أتغير قبل الثورة مثل بعد الثورة.
توقعت أن تقوم ثورة قبل 25 يناير بأقل من شهرين فما الذى وراء توقعك؟
- هذا صحيح لأنى كنت أرى أوضاعا كثيرة تحفز على وجود الثورة، فكيف يكون هناك أفراح فى الماريوت ينفق أصحابها الملايين ويأتون بأطعمة من أوروبا لمدعوين تمتلئ منازلهم بما لذ وطاب، وفى نفس البلد وعلى بعد خطوات البعض يأكلون من الزبالة؟! فكيف يقبل هؤلاء ذلك؟! وكيف يرضى الغنى أن ينسى من حوله؟! فتوقعت قيام ثورة.
هل كنت تكره قيام ثورة فى مصر؟
- طبعا.
معنى كلامك أنك ضد ثورة يناير؟
- ما توقعته لم يكن ثورة يناير، ما خفت منه وتمنيت ألا يحدث هو ثورة العشوائيات، وأنا عندى تفاصيل كاملة عن العشوائيات فى مصر، والتى تصل إلى 1200 عشوائية، و40% من سكان القاهرة فقط يسكنون العشوائيات، وما حدث فى أركيديا أكبر دليل على خطورة ثورة العشوائيات.
وماذا حدث فى أركيديا بالتحديد؟
- يوم 28 يناير يوم انسحاب الشرطة تعرض المول لهجمات من الأمام والخلف من مناطق عشوائية، ونهبوا كل ما فيه، واغتصبوا 3 عاملات، ثم اتجهوا إلى الشقق وحرقوها، وتناوبوا السرقات عليها لمدة أسبوع، وقتل 3 بلطجية داخل المول نتيجة الخلاف على حصيلة السرقة، واحتسبوا من شهداء الثورة لأن الحكومة اعتبرت كل من مات فى الفترة ما بين 25 و28 شهيدا، مثل من مات أمام الأقسام احتسبوا كثوار.
هل ذلك يعد من أخطاء الثورة؟
- الثورة التى حدثت يوم 25 يناير ليس لديها أخطاء، ولكن ما حدث منذ قيامها وحتى الآن ملىء بالأخطاء.
أخطاء ثوار أم أخطاء حكومة؟
- منا جميعا، من الثوار لأنهم لا يملكون تجمعا، وأصبحوا 160 فصيلا، ومن الحكومة، ومن المجلس العسكرى، ومن الحزب الوطنى، لأن الجميع يتصارعون على المقاعد.
هل شاركت فى ثورة يناير؟
- لا.
لماذا؟
- أنا كنت أتابع ما يحدث عبر شاشات التليفزيون، وكنت وقتها أرى أن مستقبلنا غير واضح.
كنت خائفا؟
- ومازالت خائفا.
على البلد أم على الاستثمار؟
- أنا غير طامع فى شىء، فقد أعطانى الله أكثر مما حلمت، لم يتبق لى الكثير كى أعيشه، وأنا غير خائف على نفسى، ولكنى خائف على مصر لأن اقتصادها ينهار، والغريب أن هناك من يروج بإحصائيات مكذوبة أن الاقتصاد لن ينهار، وكلهم كاذبون.
وما هى الحقيقة فى الاقتصاد المصرى الآن؟
- الاقتصاد سيئ، وعدم وجود أمن فى مصر أفقدنا أهم مصدر للدخل، وهو السياحة التى منحت مصر السنة الماضية 15 مليون سائح دخّلوا 15 مليار دولار، واشتغل على السياحة 4 ملايين عائلة مصرية، أما الآن فإشغال السياحة أصبح لا يتعدى 15%، وبالتالى كل العاملين تضرروا من العمل، وبالمثل فى قطاع التشييد الذى شلت حركته تماما، وهو ما أثر على العمالة المؤقتة، وهناك 1000 مصنع أغلق بسبب ضياع الأمن لعدم قدرتهم على نقل البضائع أو التصدير، بالإضافة إلى تناقص الاحتياطى لدى البنك المركزى من 36 مليار إلى 24 مليار دولار، وفى وسط هذه الأزمة تولت الحكومة الضعيفة، واستجابت لجميع المطالب الفئوية.
وهل أخطأت حكومة شرف فى تحقيق المطالب الفئوية؟
- رئيس الوزراء الذى أتى من ميدان التحرير استجاب لكل المطالب الفئوية بشكل شجع جميع الطوائف على التوقف عن العمل، فمن أين تأتى الحكومة بهذه المطالب فى ظل الأزمة المالية التى تعانى منها مصر؟ وهل الدولة تملك موارد لذلك؟ هذا بالطبع سيقود الدولة لكارثة.
وهل كنت تفضل ألا يحصل الموظف على حد أدنى لراتبه يوفر له الحياة الآدمية؟
- أنا أتمنى أن يحصل كل مواطن على ما يكفيه من راتب، ولكن هل من المعقول أن تقترض مصر وتستدين لرفع الرواتب.
ولكن مصر كان لديها سوء توزيع لمواردها، ومعظمها كان موجها للأمن ومؤسسة الرئاسة التى كانت يذهب إليها دخل قناة السويس؟
- هذا الكلام غير صحيح، فدخل قناة السويس كان يذهب لوزارة المالية وكنت توزعه ضمن ميزانية الدولة.
ومن أين كانت تنفق مؤسسة الرئاسة؟
- كان لها مخصصات من وزارة المالية.
ولكن الموازنة لا يوجد بها بند لمخصصات رئاسة الجمهورية؟
- كما لا يوجد بها بند لشراء الأسلحة والذخيرة، لأنها أرقام سرية تخرج من وزارة الخزانة، وهى أرقام لا تعرض على مجلس الشعب.
من حقنا نقلق؟
- من يرى الصورة من نفس لزواية التى أراها لابد أن يقلق على مصر.
وما الحل؟
- نتوقف عن مليونيات ميدان التحرير التى تطالب كل جمعة بمطالب جديدة، ونبدأ العمل فى بناء مصر من جديد.
ألا تخشى أن يقال إنك من أعداء الثورة؟
- أنا لست من أعداء الثورة، ولكنى من أعداء الأغبياء والفساد وركوب الموجة وأنا عمرى ما كنت عدوا لمصر، وإذا كانت الثورة قامت وفعلت عملا مجيدا وهى تخلصنا من حكم فاسد فقد تغيرت ميزاتها إلى عيوب بعد فبراير.
هل مازلت تؤيد الخصخصة؟
- طبعا.. أنا مازالت مع الخصخصة، ولكننى لست مع الطريقة التى نفذتها بها لأن مصر أخذت نموذجا ممسوخا من البرنامج الذى نجح فى بريطانيا، ولكننا فشلنا فى تطبيقه فى مصر.
هل أنت مع إلغاء صفقات البيع التى تمت مثل عمر أفندى وغزل شبين؟
- هذه مصيبة على الاقتصاد، فرجوع الدولة فى عقد التزمت به يفقدها مصداقتيها أمام العالم، فأصبحت مثل التاجر النصاب الذى يرجع فى عقد وقع عليه.
ولكن البيع تم بالمخالفة للقانون؟
- الحكومة هى من خالفت القانون وليس المستثمر الذى لا يقع عليه أى التزام، وللأسف الحكومة ضيعت سمعتها بالرجوع فى البيع فى صفقات الخصخصة.
وما هو تأثير ذلك على الاقتصاد؟
بالتأكيد سينتج عنه «تطفيش» المستثمر الأجنبى والمصرى، فمن سيجبر مستثمر على دخول بلد ترجع حكومته فى تعاقداتها، ولذا سوف يذهب المستثمرون إلى تركيا أو كندا أو سنغافورة أو إلى أية دولة تحترم الاستثمار.
هل تعاطفت مع أحد بالحكومة السابقة؟
- أنا متعاطف مع رشيد وواثق أنه مظلوم، وأنا كنت قريبا من المغربى ورشيد وأعرف جرانة جيدا، وكنت أرى فى رشيد كل إخلاص لمصر، وهو من زود الصادرات غير البترولية من 40 إلى 80 مليار.
والمغربى لم يكن «حرامى» ولكنه ربما أخطأ عن جهل، فهو رجل ملياردير وليس لديه أبناء فلماذا يسرق؟! كما أنه رفض وزارة السياحة لثلاث مرات وتم الضغط عليه من لجنة السياسات للقبول، وبعدها أرادوا التخلص من إبراهيم سليمان فى الإسكان فاختاروا المغربى، وللأسف تولى وزارة لا يعرف عنها شيئا.
ولماذا ظلم رشيد؟
- هو قدم للمحاكمة فى قضية صندوق الصادرات وقضية عز، وهو من أكثر من وقف أمام احتكار عز للحديد، وله مواقف شجاعة جدا أمامه.
يقال إن نظام مبارك هو من قدم عز ورشيد للمحاكمة؟
- ليس صحيحا، بدليل أنه طرح اسمه كرئيس وزارة قبل أحمد شفيق، ولكنه رفض.
ولماذا تم اتهامه فى قضية عز؟
- رشيد لم يكن المسؤول الوحيد عن إعطاء رخصة الحديد لعز، ولكنها منحت عن طريق لجنة برئاسته، وأعطت 5 رخص لخمسة من رجال الأعمال، 2 لعز و2 لمصريين و1 شركة هندية بدون مقابل.
ولماذا أعطوها بدون مقابل؟
- لا تسألينى عن ذلك ولا تسألى رشيد.
لماذا.. أليس هو رئيس اللجنة المسؤول؟
- لم يكن قراره، بل كان قرار حكومة، وصدرت لرشيد تعليمات لمجاملة أحمد عز، ولم يكن له حق الاعتراض.
وكيف وقف فى معركة الاحتكار وتراجع أمام قرار الرخصة؟
- لم يكن يستطيع، فقد صدرت له أوامر أكبر من موقعه، ووزارة الصناعة طرحت الرخص ولم تطلب ثمنها، وهذه كانت سياسة مجلس الوزارء وكانت أكبر من رشيد.
ما رأيك فى فترة حكم مبارك؟
- من البداية لابد أن نعرف أن حكم شخص لبلد 30 سنة خطأ، وأى فترة طويلة غلط، والعالم كله يعيش على فترات قصيرة، ومن البداية مبارك لا يستحق أن يكون نائب رئيس جمهورية، فهو محدود الذكاء والرؤية، وهناك فرق بين القائد والمدير، ومبارك يمكن أن يكون مديرا ناجحا، ولكنه ليس قائدا لأنه لا يملك الرؤية وليس عنده موهبة القيادة لشعب.
هل مشكلة مبارك كانت بسببه أم بسبب المحيطين به؟
- سيطر على مبارك كل من زوجته وصفوت الشريف وزكريا عزمى، وكلهم أدار البلد من ورائه، وهو استراح من أن يعمل أكثر، فهو لم يحكم مصر إلا فترة قليلة فى بداية حكمه، وكانت امتدادا لفترة أنور السادات وركب موجة نجاحها.
هل هناك مواقف شخصية مع مبارك؟
- أنا سافرت مع مبارك أكثر من مرة على رأس وفود من رجال الأعمال، وكان بدايتها مع حكومة الدكتور على لطفى إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأقنع الدكتور عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية السابق مبارك بضرورة أن يسافر معه وفد من رجال الأعمال لإصلاح شكل مصر، وكنت أنا رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى ورئيس هذا الوفد المكون من 5 أشخاص.
ومن هم بقية الوفد؟
من أذكرهم الدكتور إسماعيل عثمان ومحمد الطويل والدكتور إبراهيم كامل، وسافرنا قبل سفر مبارك بـ10 أيام.
لماذا قبلها بـ10 أيام؟
- لأن دورنا هو تحسين شكل استقبال مصر، وكان علينا أن نقابل الصحافة الأمريكية وأعضاء الكونجرس، ووقتها كان على مصر ديون لأمريكا اشترت بها صفقات أسلحة بفائدة 22%، وكان من ضمن الطلبات التى كان ينوى الرئيس طلبها إلغاء الدين، وقيل لنا من الكونجرس أن أمريكا سترفض اقتراح الرئيس لأن الفلاحين الأمريكيين مدينون للحكومة، وإسقاط الدين عن مصر سيحدث غضبا شعبيا فى أمريكا.
وهل أبلغتم مبارك بذلك؟
- أبلغناه ولكن مجموعة مستشاريه ومن حوله نصحوه أن يصر على طلبه، وطبعا قوبل بالرفض من الكونجرس.
وهل كنت معه فى كل سفراته؟
- لا، لأنه منعنى من السفر بعد موقف حدث بينى وبينه فى إنجلترا لأننى سافرت مع وفد من رجال الأعمال وقابلته على عشاء داخل الجناح المصرى بالمتحف البريطانى، وسألنى وقتها سؤالا عن تبرعات رجال الأعمال المصريين لمصر، ولماذا لا يفعلون مثل رجال الأعمال الأمريكان الذين ينفقون أموالا طائلة من ثراوتهم على الدولة مثل روك فيلر أو كيندى، وطلب أن نفعل ذلك.
وهل عارضت ذلك؟
- لا أنا وافقت، ولكنه قال إن رجال الأعمال فى مصر مكروهين وإنه هو الذى يحميهم.
ولماذا اختلفت معه؟
- لأننى كان لى رأى أن مصر تختلف فى تجربتها عن أمريكا، فالرأسمالية فى أمريكا بدأت منذ سنوات طويلة، والعائلات الكبرى بأمريكا لديها ثروات ضخمة، ولكن الرأسمالية فى مصر بدأت مع السادات، ثانيا الحكومة عندما تفكر فى قانون تأخذ برأى رجال الأعمال قبل التصديق عليه، وهو ما لا يحدث فى مصر، فاستاء جدا، وقال لى كلامك لا يعجبنى، وبمجرد عودتنا سأستدعيك للنقاش.
وهل تناقشتما؟
- كانت آخر مرة أسافر معه فيها، لأنها كانت المرة الثانية التى غضب منى فيها.
ومتى كانت الأولى؟
- الأولى كانت فى أمريكا عندما كنا نتاقش فى شىء، فقال أنتم كنتم معى منذ البداية، فقلت له إحنا مثل الكورمبارس لتكميل الصورة، ولكن عندما ننزل مصر مش بنشوفك.
ألم تخف أن يوقفوا أعمالك؟
- لقد أوقفوها بالفعل.
بسبب معارضتك للرئيس؟
- نعم، وبسبب نقدى للحكومة فى بعض المواقف، فقبل انتخابات مجلس الشعب الأخيرة كنا نتكلم فى موضوع مدينتى على إحدى القنوات الفضائية، وهاجمت الحكومة فى تعاقدها مع مدينتى، فوصلنى أن المغربى مستاء جدا منى، فطلبت مقابلته، فقال إن قيادات الدولة شاهدت ما حدث فى البرنامج وقالوا إننى أخطأت فسألته إذا كان شاهده وعرضت عليه نسخة فشاهدناه سويا وضحك المغربى وقال لى هو أنت فاكر إن الموضوع اتعرض بالشكل ده، فمن أوصل كلامك قال إنك هاجمت الحكومة، ونصحنى أن أختفى إعلاميا بدلاً من وقف مشروعاتى من الحكومة وإلغاء تعاقداتى.
وهل اختفيت؟
- للآسف، فأنا لدى مشروعات مع الحكومة، ولكن ذلك لم يدم طويلا لأن الثورة قامت بعدها بشهرين